responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 101
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ [هود: 91]- وَما أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا [هود:29]- وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ [الْأَنْعَام: 107] فَالْوَجْهُ أَنَّ تَقْدِيمَ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْمُسْنَدِ الْمُشْتَقِّ لَا يُفِيدُ بِذَاتِهِ التَّخْصِيصَ وَقَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ بَعْضِ مَوَاقِعِهِ مَعْنَى التَّخْصِيصِ بِالْقَرَائِنِ، وَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ. مَا يُفِيدُ التَّخْصِيصَ وَلَا يَدْعُو إِلَيْهِ.
[168، 169]

[سُورَة الْبَقَرَة (2) : الْآيَات 168 إِلَى 169]
يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ هُوَ كَالْخَاتِمَةِ لِتَشْوِيهِ أَحْوَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ أُصُولِ دِينِهِمْ وَفُرُوعِهِ الَّتِي ابْتَدَأَ الْكَلَامُ فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ [الْبَقَرَة: 161] الْآيَةَ، إِذْ ذَكَرَ كُفْرَهُمْ إِجْمَالًا ثُمَّ أَبْطَلَهُ بِقَوْلِهِ: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [الْبَقَرَة: 163] وَاسْتَدَلَّ عَلَى إِبْطَالِهِ بِقَوْلِهِ: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الْبَقَرَة:
164] الْآيَاتِ ثُمَّ وَصَفَ كُفْرَهُمْ بِقَوْلِهِ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ [الْبَقَرَة: 165] ، وَوَصَفَ حَالَهُمْ وَحَسْرَتَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَوَصَفَ هُنَا بَعْضَ مَسَاوِئِ دِينِ أَهْلِ الشِّرْكِ فِيمَا حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا أَخْرَجَ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْأَرْضِ، وَنَاسَبَ ذِكْرَهُ هُنَا أَنه وَقع بعد مَا تَضَمَّنَهُ الِاسْتِدْلَالُ عَلَى وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ وَالِامْتِنَانِ عَلَيْهِمْ بِنِعْمَتِهِ بِقَوْلِهِ:
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَى قَوْلِهِ: وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ [الْبَقَرَة: 164] الْآيَةَ، وَهُوَ تَمْهِيدٌ وَتَلْخِيصٌ لِمَا يَعْقُبُهُ مَنْ ذِكْرِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ فِي الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهَا الَّتِي سَتَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْناكُمْ [الْبَقَرَة: 172] .
فالخطاب بيا أَيُّهَا النَّاسُ مُوَجَّهٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ كَمَا هُوَ شَأْنُ خطاب الْقُرْآن بيا أَيُّهَا النَّاسُ. وَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ: كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّوْبِيخِ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْوُجُوبِ وَلَا لِلْإِبَاحَةِ، إِذْ لَيْسَ الْكُفَّارُ بِأَهْلٍ لِلْخِطَابِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَقَوْلُهُ: كُلُوا تَمْهِيدٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 2  صفحه : 101
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست